الإبداع الفضائي

الإبداع الفضائي (https://www.fadaeyat.co/)
-   المواضيع الإسلامية (https://www.fadaeyat.co/f5/)
-   -   فرض الصلوات الخمس (https://www.fadaeyat.co/fadaeyat5766/)

ابو نضال 9 جمادى الأولى 1430هـ / 3-05-2009م 00:19

فرض الصلوات الخمس
 
روى الإمام البخاري- رحمه الله- في صحيحه بإسناده عن مالك بن صعصعة- رضي الله عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- قال: "ثم فرضت الصلوات خمسين صلاةً كلَّ يوم، فرجعت فمررت على موسى فقال: بما أُمرت؟ قال: أُمرت بخمسين صلاة كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاةً كل يوم، وإني والله قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشدَّ المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فرجعت فوضع عني عشرًا، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فوضع عني عشرًا فرجعت إلى موسى فقال مثله: فرجعت فوضع عني عشرًا فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فوضع عني عشرًا فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم فرجعت فقال مثله، فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم قال: إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم، وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك قال: سألت ربي حتى استحييت، ولكني أرضى وأسلِّم قال: فلما جاوزت ناداني مناد: أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي".



ما يستفاد من ذلك:

1- لقد كان من اليسير أن يوحي الله- تبارك وتعالى- إلى رسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بالصلوات الخمس، وهو في مكة دون أن يسري به من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس، ثم يعرج به إلى السماوات العلى، ويرى من آيات ربه الكبرى ما يرى.



ولكنَّ استدعاء الله- سبحانه وتعالى- لرسوله ليكلفه وأمته بالصلوات الخمس، وبعد مراجعةٍ منه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لربه يدل على أهمية الصلاة في هذا الدين؛ إذ الصلاة في الحقيقة معراج يعرج المؤمن فيها بروحه إلى ربه- سبحانه وتعالى- في اليوم خمس مرات، حين يخاطب ربه ويذكره في صلاته، والرب- تبارك وتعالى- يذكره في نفسه في ملأ من الملائكة، ويفاخر به وبعبادته الملائكة، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه بإسناده عن أبي هريرة أنه سمع النبي- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- يقول: "قال الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل: فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال الرحمن الرحيم، قال الله تعالى: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال مجدني عبدي، وقال مرة فوَّض إلي عبدي، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل".



فالصلاة عمود الدين، فمن أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها فقد هدم الدين، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لوفد ثقيف حين جاءوا إليه يريدون الدخول في الإسلام شريطةَ أن يتجاوز عن فريضة الصلاة: "لا خير في دين ليس فيه ركوع" (رواه أبو داود في سننه)، ورواه أحمد في المسند كما ذكر في المعجم المفهرس لألفاظ الحديث.



2- لقد أعجبني وسرني سرورًا عظيمًا موقف موسى عليه السلام وحرصه على نجاة أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من العذاب، ورغبته الأكيدة في الإحسان إليها، وتخفيف التكاليف، وخاصةً الصلوات الخمس؛ حتى تكون قادرةً على القيام بها، ولم يعجبني موقف اليهود من بعد موسى عليه السلام، الذين يدَّعون أنهم أتباع موسى عليه السلام، فهم لا يتوقفون عن الإساءة للرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ولأمته، بل ويبتكرون الوسائل الشيطانية للتشكيك فيه وفي رسالته والكفر بها.



إنهم يضمرون الحقد والكره لأتباع هذا الدين منذ بعثة سيد المرسلين وخاتم النبيين حتى يومنا هذا، وحتى يقوم الناس لرب العالمين، فما من عهد عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عليه إلا نقضوه، وما من ميثاق أعطَوه إلا فكروا في نقضه عند عقده، وفي النهاية خانوا ونقضوا.



إن الذي يُغيظهم هو وحدة المسلمين وتماسك بنيانهم، فلا بد أن يعملوا على تمزيق وحدة المسلمين، وتفريقهم شذر مذر، ولقد حاولوا ذلك على يد شاس بن قيس اليهودي، حينما حاول أن يمزق وحدة الأوس والخزرج التي قامت على الإيمان، فذكَّرهم بحروبهم في الجاهلية، وحاول إذكاء نار الفتنة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عاجل فقضى على هذه الفتنة وأخمد نارها.



إنهم يتآمرون مع كل منافق وكل كافر ضد المسلمين، ويغيظهم نصرة المسلمين على المشركين ويُفرحهم نصرة الكافرين على المؤمنين.. تأمَّل في غزوة الأحزاب كيف يقوم زعماء اليهود- على رأسهم حُيي بن أخطب- بالاتصال بالقبائل العربية المشتركة ويؤلبونها على قتال المسلمين وحرب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ويعدونهم بقسط من ثمار خيبر، ويذهبون إلى أبعد من هذا فيفضلون عبادة الأوثان على عبادة الواحد الديان.



لما جاء حُيي بن أخطب في نفر من زعماء اليهود يحرضون قريشًا على قتال الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قالا لهم: "يا معشر يهود.. إنكم أهل الكتاب الأول والعلم بما أصبحنا نختلف نحن ومحمد.. أفديننا خير أم دينه؟ قالوا: بل دينكم خير من دينه، وأنتم أولى بالحق منه، فأنزل الله فيه قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً (51) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنْ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (52) أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ الْمُلْكِ فَإِذًا لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (53) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54) فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا (55)﴾ (النساء)، فلما سمعوا ما قاله اليهود نشطوا لقتال المسلمين.. ألا ترى موقف اليهود!! هذا يدل على أنه لا وزنَ للدين والقِيَم عندهم إذا تعارضت مع مصالحهم وأهوائهم، وعلى هذا فهم ليسوا أتباع موسى عليه السلام، بل إنه يتبرَّأ ويبرأ الله من أفعالهم.



3- نفسية اليهود: فلو تأملنا العبارة التي مرت في الحديث السابق التي جاءت على لسان موسى عليه السلام، وكررها خمس مرات وهو يخاطب رسولنا محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وعليه أخيه موسى نجد أنها تعكس نفسية اليهود الملتوية المنحرفة المتمردة، التي كان موسى عليه السلام يحاول أن يصلحها وأن يزكيها وأن يوثِّق صلتها بالله- تبارك وتعالى- حتى تنقاد لأوامره، ونجد مدى المرارة التي ذاقها موسى عليه السلام من بني إسرائيل، وهو يدعوهم إلى عبادة الله سبحانه وتعالى، والقيام بالتكاليف الربانية، والانقياد للأوامر الإلهية، ولكنهم كانوا يواجهون ذلك بالتمرد والخبث والانحراف والجبن.



ولقد سجل القرآن الكريم كثيرًا من تمردهم وخبثهم وانحرافاتهم وجبنهم، ومن ذلك طلبهم من موسى عليه السلام وبعد أن نجاهم الله من فرعون وجنوده فأغرقه في البحر وخرجوا سالمين لم تجفَّ أقدامُهم بعد من الماء الطين، وإذا بهم يطلبون من موسى عليه السلام أن يجعل لهم إلهًا يعبدونه من دون الله، وفي هذا يقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139) قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا﴾ (الأعراف).



ولما غاب موسى لملاقاة ربه وأخذ الألواح استغلُّوا غيابه فعملوا إلهًا وعبدوه، وحاول هارون عليه السلام رسول الله ونبيه أن يثنيَهم عن ذلك فأبَوا، وفي هذا يقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً﴾ (الأعراف:148) إلى قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ﴾ (سورة الأعراف: 152)، وتمردوا على أوامر الله- تبارك وتعالى- حين أمرهم بالجهاد فرفضوا أن يدخلوا الأرض المقدسة كما أمرهم الله تبارك تعالى، وآذَوا موسى عليه السلام إيذاءً شديدًا فسلقوه بألسنتهم الحداد، ولمزوه وعابوه، وفي هذا يقول الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا﴾ (الأحزاب: 69)، ومن الجدير ذكره هنا أن الله فرض على بني إسرائيل صلاتَين فما قاموا بهما.



4- ما جعل علينا في التكاليف من حرج مرهق: تأمل قول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "فناداني منادٍ: أمضيت فريضتي وخففت عن أمتي".. نعم هذا هو الإسلام لا يكلف الناس بما لا يطيقون، بل إن سبيله في التكاليف التخفيف ورفع الحرج قال سبحانه: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ (الحج: من الآية 78) وسبيله التيسر على الناس وعدم إرهاقهم كما قال سبحانه: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ﴾ (البقرة: من الآية 185).



من هذا نعلم أن التنطع في الدين والتشدد في غير موطن التشدد أمرٌ خطيرٌ جدًا في هذا، لا يقل في ضرره عن ضرر التهاون في شأن من شئون الدين.. نعم إن هذا الدين وسط، وإن هذه الأمة وسط في منزلتها وفي حكمها على الأشياء بناءً على توجيهات ربها، ويريدها وسطًا في كل الأمور، قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ (البقرة: من الآية 143).



5- قال ابن حجر العسقلاني "والحكمة في تخصيص الصلاة بليلة الإسراء أنه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لما عُرج به رأى في تلك الليلة تعبُّد الملائكة، وأن منهم القائم فلا يقعد، والراكع فلا يسجد، والساجد فلا يقعد، فجمع الله له ولأمته تلك العبادات كلها في كل ركعة، يصليها العبد بشرائطها من الطمأنينة والإخلاص".

ابو فيصل 12 جمادى الأولى 1430هـ / 6-05-2009م 14:54

جزاك الله عنا كل خير

hakim3520 12 جمادى الأولى 1430هـ / 6-05-2009م 23:23

كل الشكر لك اخى

بارك الله فيك


الساعة الآن » 02:46.

Powered by vBulletin
.Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd