الإبداع الفضائي

الإبداع الفضائي (https://www.fadaeyat.co/)
-   المواضيع الإسلامية (https://www.fadaeyat.co/f5/)
-   -   معلومات عن حياة عمر رضي اللّه عنه (https://www.fadaeyat.co/fadaeyat5366/)

ابو نضال 17 ربيع الثاني 1430هـ / 12-04-2009م 15:25

معلومات عن حياة عمر رضي اللّه عنه
 
قال عنه رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم: "لم أرَ عبٍقريا يفٍري فريه" أي يقطع في الأمور, ويحسمها حسمه, ووصفه رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم بأنه "محدَّث", أي ملهم, ذو شفافية إيمانية وروحية فائقة, وقد تكون هذه السمة تعليلاً لما نزل بسببه من آيات قرآنية, وما نزل منها موافقًا لرؤيته, حتى قال عنه ابنه عبد اللّه رضي اللّه عنهما "ما نزل بالناس أمر قط, فقالوا فيه, وقال فيه عمر إلا نزل القرآن علي نحو ما قال عمر"، ومن كلمات عمر رضي اللّه عنه "وافقتُ ربي في ثلاث: في مقام إبراهيم, وفي الحجاب, وفي أسارى بدر".



كانت خلافة أبي بكر رضي اللّه عنه قرابة عامين, وقد استغرقها التصدي للمرتدين, والقضاء على فتنتهم, وتأمين الجبهة الشمالية ببعث أسامة رضي اللّه عنه, وجمع القرآن بعد أن استشهد عشرات من كبار القراء (حفظة القرآن) في قتال مسيلمة بن حبيب الكذاب، ولكن خلافة عمر رضي اللّه عنه امتدت لعشر سنين وبضعة أشهر, واتسعت هذه السنين للفتوحات العظيمة, ودكِّ دولتي الفرس والروم, وانتشار الإسلام في أرجاء الأرض, وانتعش الاقتصاد, وارتفع مستوى المعيشة, وساد العدل والطمأنينة, وأصبح للإسلام وخليفته المكانة الأولى على مستوى العالم كله.



وسجل التاريخ للخليفة عمر أكثر من خمسين أولية, لم يسبقه أحد إليها, فله بها مكان السبق والريادة؛ ومنها أنه كان أول من مصَّر الأمصار بإنشاء مدن جديدة أشهرها الكوفة والبصرة, وأول من استقضى- عيَّن- القضاة في الأمصار, وأول من دوّن الدواوين, فسجل أسماء الناس وأعطياتهم, وأول من اتخذ دارًا للدقيق والمواد التموينية الأخري مثل التمر والزبيب, لإطعام الفقراء, ومن ينزل بالمدينة من الضيوف, وأول من اتخذ بيت المال, وأول من وسّع مسجد الرسول صلي اللّه عليه وسلم وفرشه بالحصا, وأول من جمع الناس على التراويح في رمضان.



مؤامرة.. وشهيد

ولقي عمر ربه شهيدًا بطعناتٍ غادرة على يد أبي لؤلؤة المجوسي وهو يصلي الفجر في الأسبوع الأخير من ذي الحجة سنة 32هـ، ولفظ آخر أنفاسه بعد طعنه بثلاثة أيام, ومن يتعمق الوقائع آنذاك يدرك- أو يرجح- أن الخليفة قُتل بمؤامرة تعددت أطرافها:



فأبو لؤلؤة- واسمه فيروز- مجوسي موتور, من سبي مَعٍركة نهاوند, وأنزله سيده: المغيرة بن شعبة المدينة, ويقال إنه ظل وفيًا لوطنه, فكان يبكي ويقبل أيدي أطفال الفرس.



وشكا لعمر سيده المغيرة بن شعبة لأنه كان يتقاضى منه أربعة دراهم في اليوم, مع أنه كان صانعًا ماهرًا جدًا في النجارة والحدادة ونحت الحجر, وغيرها، قال له عمر: ما ظلمك مولاك, فأحسن إليه, فقد علمت أنك صنَّاع ماهر تصنع الأرحاء, وقيل إنك تستطيع أن تصنع رحي تدور وتطحن بالريح (أي طاحونة هوائية)، فقال العبد غاضبًا: لأصنعن لك رحى يتحدث بها الناس, فقال عمر لمن معه: هددني العبد آنفًا (أي أن عبارته توحي بأنه ينوي قتلي).



وصنع أبو لؤلؤة خنجرًا له رأسان, يُمسك من وسطه, وسمّه، وطعن به الخليفة وهو يكبِّر لصلاة الفجر, وطعن بالخنجر نفسه ثلاثة عشر من المسلمين, مات منهم تسعة, ثم انتحر بعد أن طرح عليه عبد الرحمن بن عوف بُرنُسه (عباءته) للإمساك به.



ومما يرجح ما ذكرناه آنفًا من أن الجريمة عليها طابع المؤامرة شهادة عبد الرحمن بن أبي بكر رضي اللّه عنهما, وخلاصتها أنه مرّ على أبي لؤلؤة ومعه جفينة النصراني, والهرمزان الفارسي (أحد قادة الفرس الذين أسرهم المسلمون وعاش في المدينة متظاهرًا بالإسلام)، وهم نجيّ (أي مجتمعون يتهامسون) فلما باغتهم اضطربوا, ونهضوا وسقط من بينهم الخنجر الذي قُتل به عمر رضي اللّه عنه (والعرب لم يعرفوا, ولم يستخدموا هذا النوع من الخناجر.



والأستاذ علي الطنطاوي- رحمه اللّه- يرى في هؤلاء الثلاثة شركاء أصليين, وهناك متهمان فرعيان كانا على علمٍ بالمؤامرة هما: كعب الأحبار وعيينة بن حصن, على تفصيلٍ لا يتسع المجال لذكره.



إنها الشورى

وحرصًا على سلامة الأمة, وترسيخ قاعدة الشورى اختار عمر رضي اللّه عنه ستة من الصحابة يعدون- من وجهة نظره- خير العناصر الصالحة لحكم المسلمين, وهم: علي, وعثمان, وطلحة, والزبير, وسعد بن أبي وقاص, وعبد الرحمن بن عوف- رضي الله عنهم- على أن يجتمعوا, ويختاروا من بينهم واحدًا خلال ثلاثة أيام, ليكون خليفة على المسلمين, ويضم إليهم عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما, يُستشار, ولا يُختار، واستقر الأمر على عثمان بن عفان رضي اللّه عنه, على ما هو معروف في التاريخ.



رفض عمري

وفي هذا السياق نشير إلى واقعةٍ لابد من ذكرها, وخلاصتها أن المغيرة بن شعبة أشار على عمر رضي اللّه عنه بعد طعنه أن يستخلف بعده ابنه عبد اللّه, فغضب عمر, وقال له: قاتلك اللّه, واللّه ما أردت اللّه بهذا, ولا أربَ (رغبة) لنا في أموركم, وما حمدتُها- الخلافة والسلطة-, فأرغب فيها لأحد من أهل بيتي, إن كان خيرًا فقد أصبنا منه، وإن كان شرًا فحسب آل عمر أن يُحاسَب منهم رجل واحد, ويسأل عن أمر أمة محمد صلي اللّه عليه وسلم؛ أما لقد جهدتُ نفسي, وحَرمتُ أهلي, وإن نجوت كفافًا, لا وزر ولا أجر إني لسعيد.



شخصية ابن عمر

لقد رفض عمر رضي اللّه عنه أن يستخلف ابنه من بعده حرصًا علي الشورى, وهي قاعدة القواعد في الحكم والخلافة, ولو فعل لتحولت الخلافة إلى ملك عضوض، وأخذًا بالأحوط, وحرصًا منه على ألا يحكم ابنه من بعده, لم يجعله واحدًا من الستة الذين يختار من بينهم المسلمون خليفة, وحصر حقه في أن يُستشار ولا يُختار.



وكأن عمر بفراسته وشفافيته كان يدرك أنه لو كان واحدًا من الستة لرجحت كفته لسببين:

الأول: تعاطف الناس مع عمر, وحبهم له, لما عاشوه في عهده من عدل ورحمة, وحرص على مصلحة الناس وإسعادهم, وهذا التعاطف سيمتد بداهة إلى ابنه, بل إنه سترتفع درجته- من قبيل الوفاء لعمر- بعد أن لقي ربه شهيدًا.



والثاني: أن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنه كان شخصية نموذجية متكاملة, جمعت كل صفات المسلم المثالي التي تؤهله لموقع الخلافة, فهناك إجماع على أنه كان أشبه الناس برسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم.



وتاريخه كله يمثل سجلاً مشرقا في التدين والعلم والسلوك؛ أسلم مع أبيه, وهاجر إلى المدينة وعمره عشر سنين، وكان حريصًا على الجهاد من صغره, ولكن النبي صلي اللّه عليه وسلم استصغره فرّده يوم بدر, ورده يوم أُحد، وبدأت مسيرته الجهادية من الخندق.



قال عنه رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم "نعم الرجل عبد اللّه, لو كان يصلي من الليل", فكان بعدها لا ينام من الليل إلا القليل، وقال عليه الصلاة والسلام لحفصة رضي اللّه عنها: "إن أخاك عبد اللّه رجل صالح".



وعن ورعه وزهده, وتعففه عن متاع الدنيا قال عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه: "إن أملك شباب قريش لنفسه عن الدنيا عبد اللّه بن عمر"، وجاء عن السدّي "رأيت نفرًا من الصحابة كانوا يرون أنه ليس أحد فيهم على الحالة التي فارق عليها النبي صلي اللّه عليه وسلم إلا ابن عمر".



وعاش بعد رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم ستين عامًا يفتي الناس, وتأتيه الوفود من كل مكان في الأرض يستفتونه، ولا معقب ولا ناقض لما أفتى به, وذلك لسعة علمه وفقهه، قال أحدهم للإمام مالك رضي اللّه عنه "أسمعت من المشايخ يقولون من أخذ بقول ابن عمر لم يدَع من الاستقصاء شيئًا? قال مالك: نعم".



وكان يبكي إذا سمع قوله تعالي: "أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ" (الحديد: 61), وكذلك إذا ذُكر رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم.



ومن حرصه على الشورى ومصلحة المسلمين يُروى أن نفرًا أتوه بعد مقتل عثمان بن عفان رضي اللّه عنه, وعرضوا عليه أن يبايعوا له, قال: وكيف لي بالناس? قالوا: تقاتلهم, ونقاتلهم معك (إذا رفضوا أن يبايعوك)، فقال: "واللّه لو اجتمع عليّ أهل الأرض إلا أهل فدَك (وهم قلة قليلة) ما قاتلتهم".



وعاش لا تأخذه في اللّه لومة لائم؛ خطب الحجاج بن يوسف يومًا, وأطال, وأخَّر الصلاة, فقال ابن عمر: إن الشمس لا تنتظرك، فقال له الحجاج: "لقد هممت أن أضرب الذي فيه عيناك (أي رأسك)، فقال له ابن عمر: "إن تفعل فإنك سفيه مُسلّط.



اقرأوا التاريخ يا قادة

تلك كانت ملامح شخصية عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما: التقوى والورع والفقه والصلاح والجرأة في الحق، والحرص على الشورى ومصلحة المسلمين, ومع ذلك رفض أبوه أن يستخلفه, أو حتى أن يكون واحدًا من المرشحين للخلافة، وبذلك قدم عمر رضي اللّه عنه للأمة والحكام درسًا خالدًا على مدار التاريخ, ما أحوجنا إلى استيعابه, وأخذ أنفسنا به, وإلا فانتظروا الطوفان والغرق والضياع.






الفاروق عمر .. دعوة النبي (صلى الله عليه وسلم)

من كلام الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه

الخنجر في ظهر عمر.. (قصة قصيرة)

ابو فيصل 18 ربيع الثاني 1430هـ / 13-04-2009م 19:44

بارك الله فيك يا اخ ابو نضال


الساعة الآن » 05:01.

Powered by vBulletin
.Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd