الإبداع الفضائي

الإبداع الفضائي (https://www.fadaeyat.co/)
-   المواضيع الإسلامية (https://www.fadaeyat.co/f5/)
-   -   معالجة الإسلام لقضية الرزق (https://www.fadaeyat.co/fadaeyat4598/)

ابو نضال 4 ربيع الأول 1430هـ / 28-02-2009م 10:17

معالجة الإسلام لقضية الرزق
 
الحمد لله رب العالمين، نحمدك اللهم ونستعينك ونستهديك، ونستغفرك ونتوب إليك، ونعوذ بك من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هاديَ له.. لا إله إلا أنت سبحانك أنت القوي ذو العزة، وأنت الغفور ذو الرحمة، مالك الملك وخالق الخلق، رافع السماء وبانيها، وباسط الأرض وداحيها، تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء، وتذل من تشاء، بيدك الخير، إنك على كل شيء قدير.



ونصلي ونسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومَن دعا بدعوته واستنَّ بسنَّته إلى يوم الدين، ونسأل الله أن يجعلنا من هؤلاء الطيبين الطاهرين، ونستفتح بالذي هو خير.. ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28)﴾ (طه) أما بعد:

كيف عالج الإسلام خوف المسلم على رزقه؟ الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22)﴾ (الذاريات)، ويقول أيضًا: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ (هود: من الآية 6)، فالدواب والبشر رزقه عند الله، وأراد سبحانه وتعالى أن يؤكد هذا المعنى فأقسم، ففي قوله تعالى: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22)﴾ (الذاريات)، اتبعه بالقسم ﴿فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ (23)﴾ (الذاريات)، وذلك لأن الإنسان قد يظن أن رزقه بيد الناس فأقسم، وعندما سمع الأعرابي هذا القسم بعد الآية الأولى قال: "مَن أغضب الجليل حتى يقسم؟" أليس الأمر واضحًا لا يحتاج إلى قسم؟!!.



طلب الرزق بعزة النفس

أما الخوف من الفقر، فأنت تجد نفسك تخاف الفقر، وهذا المعنى من الشيطان؛ لأنه هو الذي يخوف الناس ليقول لهم اخشوا كذا، وكذا، اخشوا لا تجدوا رزقكم، والله يقول إن الرزق عندي فتوجهوا إليَّ بالدعاء ولا تتوجهوا إلى غيري فالحياة بيد الله، والرزق بيد الله، نفس هذا المعنى يحدثنا عنه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فيقول في الحديث الشريف: "إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموتَ نفسٌ حتى تستوفي رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب"، هكذا يخبرنا أن الرزق كأمر الحياة والموت لا يكون إلا بقدرٍ من الله، ومُقدَّر في السابق، كل هذه الأمور مقدرة عند الله حتى يمنع الإنسان من أن يضطرب أو يرتبك من ألا يأتيه رزقه، فالرزق في السماء قدرٌ عليك، ولن تستطيعَ أن تحصل إلا على النصيبِ الذي يريده الله لك، فلماذا تقلق، ولكن ينبغي عليك إذا أردت شيئًا أن تلجأ إلى الله وتستعين به.



الرسول يقول: "اطلبوا الحوائج بعزةِ الأنفس فإن الأمور تجري بمقادير"، عزة الأنفس أن تبتعد عن الذل، فلا تذل نفسك لأحد، فالحياة بيد الله وكذا الرزق فلا تذل لإنسان، فالتكالب على الدنيا يجعلها هي الأسبق في كل شيء؛ لأن أمر الدنيا أهون عند الله من ذلك، والآخرة هي التي ينبغي أن يكون لها الأسبقية على كل شيء، أما الدنيا فيكفيك منها ما يُطعمك ويسقيك.



فهم الصحابة

وحديث النبي- صلى الله عليه وسلم- يؤكد هذا المعنى، فيقول: "يقول ابن آدم مالي مالي، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، ولبست فأبليت، أو تصدقت فأبقيت" ويوضح حال مَن يسعى إلى الدنيا وحال مَن يسعى إلى الآخرة، فيقول: "مَن أصبحت الآخرة أكبر همه جمع الله له شمله وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومَن كانت الدنيا أكبر همه فرَّق عليه شمله، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأتِه من الدنيا إلا ما كُتب له"، فنصيبك من الدنيا سيأتيك، مهما سعيت، فلن يأتيك إلا ما كُتِبَ لك عند الله.



هذه المعاني فهمها سلفنا الصالح، واقتنعوا بها تمامًا فكانوا مثلاً عليا، واستطاعوا بهذه المعاني أن يكونوا أعزةً لا يُذَلون لأحد، فكان المرء منهم يلتقي بالحاكم فلا يحس بأي ذلةٍ نحوه، أنا بشر وهو بشر، رزقه من عند الله، حتى لو كان يأتيني رزقي من رب العمل، فليس رب العمل إلا وسيلة، يقول الله تعالى: ﴿وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ﴾ (النحل: من الآية 71) انظر إلى هذا المعنى العميق، فلا يظن هذا العامل البسيط أن رزقه عند رئيس العمل، بل إن رئيس العمل يُرزق برزق هذا العامل، فرزق العامل ورئيسه من عند الله.



وانظر إلى الصحابي أبو حازم الذي التقى به عبدالملك بن مروان فقال له عبد الملك سلني حاجتك، قال: رفعتها إلى مَن هو أقدر عليك منها فما أعطاني منها قبلت وما منعني رضيت، فلا أحتاج إليك.



وهذا سالم بن عبد الله بن عمر كان جالسًا في المسجد فدخل عليه سليمان بن عبدالملك، وجلس بجواره، وقال سلني حاجتك، فقال: "إني أستحي أن أسأل في بيت الله غير الله"، وانتظر سليمان حتى خرج سالم من المسجد وخرج وراءه، فقال له: الآن سلني حاجتك، قال من حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة، قال: من حوائج الدنيا وهل أملك الآخرة، فقال: إني ما سألت الدنيا ممَن يملكها، فكيف أسأل مَن لا يملكها.



الرسول يخاف عليك

الرسول كان يؤكد هذا المعنى دائمًا، فيذكر أن القليل من الدنيا يكفي وأن القليل الذي تستطيع أن تؤدي من الله فيه من الكثير الذي لا تؤدي حقه، بل إنه يقول: "والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بُسطت على من كان قبلكم فتنافسوها، كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم"، وكان يعلم أن فارس والروم ستصبح من أملاك الدولة الإسلامية، ويخبر بذلك أصحابه، فلقد كان جالسًا مرة مع صحابته فقال: "كيف أنتم إذا فُتحت عليكم كنوز فارس والروم؟ قالوا: يا رسول الله: نكون كما أراد الله، قال: أو غير ذلك تنافسون ثم تتحاسدون ثم تتباغضون ثم تتدابرون".



بهذه الروح ساد المسلمون، فلم يكن يشغلهم الرزق أو الموت أو الحياة تشغله الآخرة بحيث يريد أن يموت، أما نحن فنريد أن نعيش ونحيا أكثر، فما المانع أن يعيش أكثر من ثمانين أو تسعين سنة، لكن هؤلاء كانوا يقولون لا أموت اليوم؟ وعندما سأل المقوقس جنوده لماذا تُهزمون في كل معركة؟ فأنتم لكم يدان كما للمسلمين، ولكم رجلان كما للمسلمين، فقال أحدهم أنا أصدقك الحديث، ما منهم من أحد إلا ويتمنى أن يموت قبل صاحبه، وما منا من أحد إلا ويتمنى أن يموت صاحبه قبله.



هذا هو الطريق، طريق العزة، فلا يشغلكم حديث الرزق فإنه عند الله، فلا تطلبوه من غيره ونختم بدعاء الرسول: "اللهم إني أعوذ بك من الفقر إلا إليك، ومن الخوف إلا منك، ومن الذل إلا لك، ومن التوكل إلا عليك

ابو فيصل 4 ربيع الأول 1430هـ / 28-02-2009م 22:12

جزاك الله عنا كل خير ياابو نضال

hakim3520 4 ربيع الأول 1430هـ / 28-02-2009م 23:58

الله يجزاك عنا كل خير

ويجعلها في ميزان حسناتك


الساعة الآن » 22:00.

Powered by vBulletin
.Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd