الإبداع الفضائي

الإبداع الفضائي (https://www.fadaeyat.co/)
-   المواضيع الإسلامية (https://www.fadaeyat.co/f5/)
-   -   من أدب الصحبة مع الله (https://www.fadaeyat.co/fadaeyat4537/)

ابو نضال 1 ربيع الأول 1430هـ / 25-02-2009م 22:12

من أدب الصحبة مع الله
 
د. عبد الله فرج الله

أن ترى عملك في طاعته توفيقًا منه يستدعي مزيدَ شكره، فعملك بفضله، وطاعتك بتوفيقه، فانتبه أن يغرَّك عملُك فتراه كثيرًا، يُنسيك فرحُك به فضلَه عليك فيه، ومن وصايا الأولين- رحمهم الله- أنْ "لا تُفْرِحْك الطاعة لأنها برزت منك، وافرح بها لأنها برَزت من اللهِ إليك.. ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ (يونس: 58).



ولسان الأولين ينطق: "الأعمال أنت مُهديها إليه، وأين ما تهديه إليه مما هو مُورِدُه عليك؟! تنوَّعت أجناس الأعمال لتتنوَّع واردات الأحوال".. "الصادقون الحذَّاق هم الذين نظروا إلى ما بذلوا في جنب ما وجدوا، فصغُر ذلك عندهم، فاعتذروا".



وهذا وهيب بن الورد- رحمه الله- يقول: كثيرًا ما يأتيني مَن يسألني مِن إخواني، فيقول: يا أبا أمية، ما بلغك عمن طاف سبعًا بهذا البيت، ما له من الأجر؟! فأقول: يغفر الله لنا ولكم، بل سلوا عما أوجب الله تعالى من أداء الشكر، في طواف هذا السبع، ورزقه إياه حين حرَم غيرَه.. قال: فيقولون: إنا نرجو، فيقول وهيب: فلا والله!! ما رجا عبدٌ قطّ حتى يخاف، ثم يقول: كيف تجترئ أن ترجو رضا مَن لا يُخاف غضبُه؟! إنما كان الراجي خليل الرحمن؛ إذ يخبرك الله عز وجل عنه، قال: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيْمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيْلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا﴾ (البقرة: من الآية 127)، ثم قال: ﴿وَالَّذِيْ أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِيْ خَطِيْئَتِيْ يَوْمَ الدِّيْنِ﴾ (الشعراء: 82).



حين تستشعر هذا الفقه العظيم، الدقيق في معناه، العميق في دلالته، تكون قد وضعت رحالَك في الطريق الصحيح.. أن تفرَح بالطاعة تؤديها فرحَك باختيارِ الله لك، وتوفيقِه لك، في الوقت الذي حرَم منه غيرَك، فاختيارُك اصطفاءٌ، ودعوتُك تشريفٌ، وطاعتُك توفيقٌ، فلا تغرنَّك طاعتُك، بل الواجب أن تزدادَ بالطاعات شكرًا، واعترافًا بالجميل والفضل، فتزداد من المنعم قربًا، وللموفِّق تواضعًا، وللمعطي تذلُّلاً..



ما أجمل أن ترى في طاعتك نِعَمَه عليك!! وفي عملك أفضالَه تتنزَّل بساحتك!! فتكونَ وفدَه في الحجّ، وضيفَه في الصفّ، وأهله في الليل!!




ما أجملَ أن ترى هذا فلا تتطاول بطاعتك، ولا تتيْه بعبادتك، وتسعى للحفاظ على سرِّها بينك وبينه..!!



إذا كنت هكذا، سعيت صادقًا في اصطحاب غيرك، وتنبيه الغافلين، وردِّ الهاربين، وإيقاظ النائمين، وإرجاع البعيدين.. إلى حظيرة مولاك، فمولاك يحبُّ من يدلُّ عليه، ويسعى في الدعوة بين يديه.



إنه أدبٌ رفيعٌ يمتاز به القلَّة المصطفاةُ من السائرين إليه.. اسْعَ أن تكون من الذين يضمُّهم هذا الركب، ويسَعُهم هذا الأدب، فلا مسيرَ بلا أدب.

ابو فيصل 1 ربيع الأول 1430هـ / 25-02-2009م 23:12

جزاك الله كل خير يااخي ابونضال


الساعة الآن » 18:26.

Powered by vBulletin
.Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd