الإبداع الفضائي

الإبداع الفضائي (https://www.fadaeyat.co/)
-   المواضيع الإسلامية (https://www.fadaeyat.co/f5/)
-   -   عشرية الدعاة في مواجهة الشدائد (https://www.fadaeyat.co/fadaeyat1474/)

ابو نضال 10 شوال 1429هـ / 10-10-2008م 23:54

عشرية الدعاة في مواجهة الشدائد
 
تشكل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مرجعًا مهمًا للدعاة والعاملين في مجال العمل الإسلامي، إذ منها يستمدون دروسًا عملية في كل شئون الحياة، والتي تتوافق ملامحها العامة إلى حدٍ كبير مع أحداث هذا الزمان.

ومن هذه الدروس القيمة قدرته صلى الله عليه وسلم على تطويع الشدائد والمحن والابتلاءات التي واجهته مع العصبة الأولى من المؤمنين، وكيف استطاع استخدامها وتحويلها والاستفادة منها، مما شكل منهجًا نبويًا في كيفية مواجهة الشدائد ومقابلتها، يستحق أن تُفرد له دراسات مستقلة، وفى النقاط التالية نحاول استعراض أهم ملامح هذا المنهج النبوي الكريم.

تذكير بالأجر

فرجاء مثوبة الله وغفران الذنوب والخطايا من النعم التي ينعم الله بها على عباده المؤمنين، فعن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه قلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاءً؟ قال: "الأنبياء، ثم الأمثل، فالأمثل، يُبتلى الرجل على حَسَب دينه، فإن كان في دينه صُلبًا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة". رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.

والمؤمن يوقن أن ما ينزل به من مصائب ليس ضربات عجماء، ولا خبط عشواء، ولكنه وفق قدر معلوم، وقضاء مرسوم، وحكمة أزلية، وكتابة إلهية، فآمنوا بأن ما أصابهم لم يكن ليخطئهم، وما أخطأهم لم يكن ليصيبهم: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير) [الحديد: 22].

دعاء وتضرع

شرع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء بدعوات معينة خاصة في أوقات الكروب والشدائد، ففي جامع الترمذي من حديث أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أهمّه الأمر رفع رأسه إلى السماء، وإذا أجهد في الدعاء قال: "يا حي يا قيوم". وفيه أيضًا من حديث أنس بن مالك، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر قال: "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث" رواهما الترمذي.

ونلحظ في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عمومًا ملمحين مهمين:

الأول- طلب النصر واستمداد العون من الله عز وجل.

ومنه ما حدث يوم الطائف يوم أن أدميت عراقيبه صلى الله عليه وسلم بالحجارة، وتلطخ نعلاه بالدماء، وسال دمه الزكي على أرض الطائف، فرفع يديه يشكو إلى الله ما نزل به من ألم نفسي وجسمي فقال: "اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربى، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تُنزل بي غضبك، أو يحل عليّ سخطك، لك العُتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك" [الرحيق المختوم، ص 149].

ومن هذا ما حدث يوم بدر، وهو يدعو الله تعالى: "اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تُعبد"، فأخذ أبو بكر بيده فقال: حسبك الله، فخرج صلى الله عليه وسلم وهو يقول: (سيهزم الجمع ويُولون الدّبر) صحيح البخاري.

والملمح الثاني- الدعاء على المكذبين المتجبرين:

فمنه ما يرويه ابن مسعود رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي عند الكعبة، وجَمْعٌ من قريش في مجالسهم إذ قال قائل منهم: ألا تنظرون إلى هذا المرائي؟ أيُّكم يقوم إلى جَذُور آل فلان، فيعمد إلى فرثها ودمها وسَلاها، فيجيء به ثم يمهله حتى إذا سجد وضعه بين كتفيه؟

فانبعث أشقاهم، فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وضعه بين كتفيه، وثبت النبي صلى الله عليه وسلم ساجدًا، فضحكوا حتى مال بعضهم إلى بعض من الضحك، فانطلق منطلق إلى فاطمة رضي الله عنها فأقبلت تسعى، وثبت النبي صلى الله عليه وسلم ساجدًا حتى ألقته عنه، وأقبلت عليهم تسبهم.

فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة، قال: "اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش". ثم سمَّى: "اللهم عليك بعمرو بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط، وعُمارة بن الوليد". قال ابن مسعود: فوالله لقد رأيتهم صرعى يوم بدر، ثم سُحبُوا إلى القُليب (البئر المفتوحة)، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وأُتبع أصحابُ القليب لعنةً" صحيح البخاري.

بث الأمل في النفوس

كان صلى الله عليه وسلم يبث عناصر الثقة في قلوب رجاله، ويفيض عليهم مما أفاضه الله على فؤاده من أمل رحيب في انتصار الإسلام، ومن ذلك حينما دخل عليه خباب بن الأرت وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، فقال له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا؟ فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مُحْمَرّ وجهه، فقال:"كان الرجل فيمن قبلكم يُحفر له فى الأرض فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيشق باثنين، وما يصده ذلك عن دينه، ويُمْشَط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه. والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون" صحيح البخاري.

واستمع إليه يوم الخندق وهو يبشّر المؤمنين: "والذي نفسي بيده ليفرجن عنكم ما ترون من الشدة، وإني لأرجو أن أطوف بالبيت العتيق آمنًا، وأن يدفع الله إليّ مفاتيح الكعبة، وليهلكن الله كسرى وقيصر، ولتنفقن كنوزهما في سبيل الله" [الرحيق المختوم].

وبث جرعات من الثقة والأمل في النفوس -في مثل هذه الأيام- ضرورة، خاصة أن عوامل اليأس ومشاعر الإحباط تكاد تغلب على حياة الكثيرين فتقتل فيها الهمم، وتخدر العزائم، وتدمر الطموحات.

إخلاص النية

ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلاً لأمته، يتعلمون منه أن الأعمال الصالحة الخالصة لوجه الله تعالى سبب في النجاة من الهموم والغموم والأحزان والشدائد جميعها، ولعل في قصة النَّفر الثلاثة التي قصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لصحابته بيان لهذا الأمر.

فعن أبى عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب (رضي الله عنهما) قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم، حتى آواهم المبيت إلى غار فدخلوه، فانحدرت صخرة من الجبل فسدَّت عليهم الغار، فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم".

ثم يذكر الحديث أن الأول كان محسنًا بارًا بوالديه حيث كان يأتيهما بطعامهما كل يوم، وحينما تأخر عليهما ذات يوم فناما ظل ممسكًا بطعامهما حتى استيقظا وأطعمهما، ثم مضى إلى أهله.

والثاني عفّ نفسه عن الزنا بابنة عمه، بعد أن كان قريبًا من الوقوع فيه، مضحيًا بما بذل من مال، خوفًا من الله تعالى.

والثالث صاحب المال الصدوق الأمين الذي نمَّى أجر أحد عماله بعد أن امتنع عن أخذه، ويوم عاد وطلبه أعطاه نصيبه من هذا النماء والاستثمار، ولم يبخل عليه بشيء.

ويذكر الحديث أن جميعهم كانوا يقولون عقب ذكر موقفهم: "اللهم إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه"، وكانت الصخرة تنفرج شيئًا فشيئًا حتى "خرجوا يمشون" رواه البخاري ومسلم.

فهذا الحديث يدل -كما يقول العلامة الدكتور القرضاوي- على أن التوسل إلى الله بالعمل الصالح من أعظم الوسائل للخلاص من المآزق والأزمات، وهذا مما لا خلاف عليه، ولا يكون العمل صالحًا إلا إذا أُريد به وجه الله تعالى، ولهذا قال كل واحدٍ منهم بعد أن ذكر موقفه الفريد: "اللهم إن كنت فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه.." [النية والإخلاص للدكتور يوسف القرضاوي].

الثبات وعدم الفرار

يروي ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا الشيء يراد...) [ص: 6] أن وفدًا من رؤساء قريش جاء إلى أبي طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: يا أبا طالب، أنت كبيرنا وسيدنا فأنصفنا من ابن أخيك، فمره فليكف عن شتم آلهتنا، وندعه وإلهه.

فبعث إليه أبو طالب، فلما دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا ابن أخي هؤلاء مشيخة قومك، وقد سألوك أن تكف عن شتم آلهتهم ويدعوك وإلهك، فقال صلى الله عليه وسلم: "أفلا أدعوهم إلى ما هو خير لهم". قال أبو طالب: وإلام تدعوهم؟ قال صلى الله عليه وسلم: «أدعوهم أن يتكلموا بكلمة تدين لهم بها العرب، ويملكون بها العجم»، فقال أبو جهل من بين القوم: ما هي، وأبيك لنعطينَّكها وعشرَ أمثالها.

قال صلى الله عليه وسلم: "تقولون لا إله إلا الله"، فنفروا وقالوا: سَلْنَا غيرها، قال صلى الله عليه وسلم: "لو جئتموني بالشمس حتى تضعوها في يديّ ما سألتكم غيرها"، فقاموا من عنده غضابًا، وقالوا: والله لنشتمنك وإلهك الذي أمرك بهذا!.

فنزل قوله تعالى: (وانطلق الملأ منهم) وهم سادة قريش قائلين: (أن امشوا)، أي استمروا على دينكم، (واصبروا على آلهتكم)، أي اثبتوا على عبادتها (إن هذا لشيء يراد)، أي إن هذا الذي يدعونا إليه محمد صلى الله عليه وسلم من التوحيد لشيء يريد به الشرف عليكم والاستعلاء، وأن يكون له منكم أتباع، ولسنا نجيبه إليه [تفسير ابن كثير ج4، ص27].

فإذا كان أعداء الدعوة يقتدون بأبي جهل وقرنائه، ويصرون على باطلهم وعلى محاربة الدعوة والدعاة، فليقتدِ الدعاة بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وليصروا على المضي في دعوتهم، وأن يتواصوا فيما بينهم على الثبات عليها، والاستمرار في تبليغها.

الشورى مبدأ أصيل

ربى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه على التصريح بآرائهم عند مشاورته لهم؛ حتى ولو خالفت رأيه، فهو إنما يشاورهم فيما لا نص فيه، تعويدًا لهم على التفكير في الأمور العامة ومعالجة مشكلات الأمة، فلا فائدة من المشورة إذا لم تقترن بحرية إبداء الرأي، ولم يحدث أن لام رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا؛ لأنه أخطأ في اجتهاده ولم يوفق في رأيه.

وقد شاور رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه في الخروج لقتال المشركين في غزوة بدر، وفي شأن الأسرى.

واستشار أصحابه في الخروج لمشركي مكة في غزوة أحد.

وأخذ بمشورة سلمان الفارسي فحفر الخندق.

واستشار السعدين (سعد بن معاذ وسعد بن عبادة) في مصالحة غطفان على ثلث ثمار المدينة حين اشتد الخطب على المسلمين في غزوة الأحزاب.

وأخذ بمشورة السيدة أم سلمة يوم الحديبية.

وقد كانت هذه هي الطرق العملية للاستفادة من عقول جميع أهل الرأي السديد، والمنطق الرشيد.

الصبر عند الشدائد

ذات يوم مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم على قبر، فرأى امرأة جالسة إلى جواره وهي تبكي على ولدها الذي مات، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "اتقي الله واصبري". فقالت المرأة: إليك عني، فإنك لم تُصَبْ بمصيبتي.

فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم، ولم تكن المرأة تعرفه، فقال لها الناس: إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسرعت المرأة إلى بيته، وتقول: لَمْ أعرفك. فقال لها: "إنما الصبر عند الصدمة الأولى" متفق عليه. أي يجب على الإنسان أن يصبر في بداية المصيبة.

والصبر جزاؤه الجنة، فعندما أسلم عمار بن ياسر وأبوه ياسر وأمه سمية -رضي الله عنهم- وعلم أهل مكة بإسلامهم، فأخذوهم جميعًا، وظلوا يعذبونهم عذابًا شديدًا، فلما مرَّ عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم، قال لهم: "صبرًا آل ياسر! فإن موعدكم الجنة" رواه الحاكم.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفد ما عنده، فقال: "ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر" رواه البخاري.

إصرار على التبليغ

واجه رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحب الكريم معه حربًا مستعرة من السخرية والتحقير والقتل والتعذيب، حتى ليقول الشيخ الغزالى: "وتألفت جماعة للاستهزاء بالإسلام ورجاله، على نحو ما تفعل الصحافة المعارضة عندما تنشر عن الخصوم نكتًا لاذعة، وصورًا مضحكة للحط من مكانتهم لدى الجماهير، وبهذين اللونين من العداوة وقع المسلمون بين شقي الرحى...، فرسولهم يُشَيَّع ويُستقبل بنظرات ملتهبة ناقمة، وعواطف منفعلة هائجة: (وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون)".

ولم يكن جزاء هذا التندّر والاستهزاء إلا المزيد من الإصرار على تبليغ دعوة الله عز وجل، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغشى مجالس المشركين ومجامعهم، ويحدثهم عن الإسلام ويطلب منهم النصرة، فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض نفسه بالموقف فيقول: "ألا رجل يحملني إلى قومه؟ فإن قريشًا منعوني أن أبلِّغ كلام ربي" [فقه السيرة، والحديث أخرجه أبو داود، وقال عنه الترمذي: حديث حسن صحيح].

وربما لم يستجب له أحد فلا يحملنه ذلك على ترك الأمر بل كان يمضي عليه قدمًا، وفي الموسم التالي تراه يطوف على القبائل فيحدثهم فرادى وجماعات ويغشاهم في مجالسهم وأنديتهم رجاء أن يخرج الله من أصلابهم من يعبده لا يشرك به شيئًا، حتى كانت بيعة العقبة الأولى وبشائر الفرج من الله.

حسن الظن بالمؤمنين

أوقات الأزمات والشدائد يعمد أعداء الإسلام إلى بث الشبهات وإطلاق الشائعات، سواء تعلقت بالإسلام ودعوته أو بالمسلمين والدعاة، وقد حدث هذا الموقف مع النبي صلى الله عليه وسلم في حادثة الإفك، وكان تعليق القرآن على ذلك فيه حث على حسن الظن، يقول الله تعالى: "لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرًا وقالوا هذا إفك مبين" [النور: 12].

وفى غزوة تبوك، لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخلف عنه أقوام، وكان من بين الذين تخلفوا قوم حبسهم العذر، فكان لابد من بيان ذلك حتى يتميز هؤلاء عن غيرهم ممن تخلفوا دون عذر، ولئلا يُساء بهم الظن ويصبحوا محل تهمة وشكوك، فقد جاء في عذرهم ما رفعهم إلى درجة المجاهدين المكافحين الصادقين، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد تركتم بالمدينة أقوامًا، ما سرتم مسيرًا، ولا أنفقتم من نفقة، ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه"، قالوا: يا رسول الله كيف يكونون معنا وهم بالمدينة؟ قال: "حبسهم العذر" [تفسير ابن كثير، ج2، ص382].

فعلى الدعاة أن يواجهوا أمثال هذه الحيل، ويكونوا على فقه ووعي كاملين بهذا النهج والأسلوب، ومن ثم لا يقعون في تأويل تصرفات إخوانهم من الدعاة تأويلاً سيئًا لا يليق بهم، ولا يتفق مع كونهم دعاة إلى الإسلام.

عدم تمني لقاء العدو

ففي وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد، وقد أمَّره على جيش المسلمين الذي أرسله لإرهاب الروم، قال صلى الله عليه وسلم له: "ولا تتمنوا لقاء العدو، فإنكم لا تدرون لعلكم تبتلون بهم، ولكن قولوا: اللهم اكفناهم واكفف بأسهم عنا".

إن المطلوب هو القيام بأمر الدعوة إلى الله تعالى، وليس المطلوب مصادمة أعداء الدعوة، فإن هذا الصنيع يؤذن بوقوع الجماعة بالرياء وطلب السمعة عند الناس، ليقولوا: إن جماعة الدعاة أُوذيت في سبيل الله.

"ولكن لا يعني ذلك قعود الدعاة عن القيام بالدعوة إلى الله، وإنما الذي يعنيه ذلك -بكل تأكيد- عدم تعمدهم لقاء الخصوم والدخول معهم في حرب، ولهم مندوحة من ذلك، أي يمكنهم أن يدعوا إلى الله وأن يتجنبوا المخاصمة مع أعداء الدعوة، لاسيما إذا كانت الدولة هي -لسوء فهمها لمقاصد الدعوة- خصم الدعاة وجماعتهم، ففي هذه الحالة ينبغي عدم تصعيد الخصام مع الدولة، مع المضي في متطلبات الدعوة بهدوء..." [المستفاد من قصص الدعوة والدعاة، ص 265].



--------------------------------------------------------------------------------

hakim3520 11 شوال 1429هـ / 11-10-2008م 00:19

جزاك الله خيرا

ع المشاركه الجميله وربي يعطيك العافية

وربي يوفقك ،،

•ADD• 11 شوال 1429هـ / 11-10-2008م 15:29

يعطيك العافية بونضال موفق بإذن الله

astonstar 13 ذو الحجة 1429هـ / 11-12-2008م 01:20

جزاك الله كل خير أخي الكريم

sopranos 13 ذو الحجة 1429هـ / 11-12-2008م 19:31



الساعة الآن » 14:24.

Powered by vBulletin
.Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd