الإدراك الذهني ودوره في فهم الآخرين , العوامل المؤثرة في الإدراك الذهني

إن الإدراك الذهني وهو الآلية التي يتم من خلالها تكوين معنى شخصي لعمليات الاتصال التي نتعرض لها يومياً عن طريق : الاختيار ، والتنظيم ، وتفسير المعلومات التي يتم بناء عليها صبغ الاتصال بالمعنى الذاتي لكل شخص. إن معرفتنا لكيفية عمل إدراكنا الذهني أمر مهم جدا لنتجنب سوء فهم سلوك الآخرين أو الحكم عليهم سلباً.



العوامل المؤثرة في الإدراك الذهني
هناك العديد من المؤثرات التي تساهم في تشكيل مفهوم الإدراك الذهني للمؤثرات والتجارب اليومية التي تواجهنا وللأشخاص الذين نتعامل معهم. والوعي بهذه العوامل وكيفية تأثيرها يؤدي إلى تشكيل سلوكنا وردة فعلنا وبالتالي فاعلية الاتصال ونذكر منها:




1- الخصائص الشكلية
يؤثر الشكل الخارجي المتمثل في : الطول ، الوزن ، شكل الجسم ، القوة العضلية ، المظهر العام ، وقوة أو درجة الحواس الخمس على إدراك الإنسان للمعلومات التي يتعرض لها بصفة مستمرة .
2- الحالة الفسيولوجية والنفسية
تؤثر الحالة الفسيولوجية والعضوية والصحية على الإدراك الذهني ، فمثلا لو كان الشخص جائعا فإنه يتلذذ برائحة الطعام أكثر مما لو كان شبعان . ومن الواضح أنه إذا كانت الأمور تسير على ما يرام نكون في حالة إيجابية وندرك الأحداث والآخرين بشكل إيجابي ، أما إذا كنا في حالة مزاجية سلبية يكون الإدراك سلبياً ، وبذلك قد تكون الاستجابة سلبية أيضاً ،وإذا كنا نقع تحت ضغوط نفسية عديدة بالإضافة إلى وجود صورة ضعيفة لذاتنا فإننا سنرى العالم من حولنا بشكل سلبي وبألوان قاتمة . وقد يكون هذا التأثير طفيفاً في بعض الأحيان وبالتالي طفيفا على الاتصال ولكن في أوقات أخرى قد يؤدي إلى نتائج سلبية بالكامل.
3- النوع (ذكر أم أنثى)
بصرف النظر عن الاختلافات البيولوجية بين الذكور والإناث ، فإن قدرات ومواصفات الذكورة والأنوثة تبنى على اعتبارات اجتماعية يتم تعلمها واكتسابها منذ مراحل العمر الأولى وتتأصل في اللاوعي عبر السنين . هذه الاختلافات تمليها علينا الخلفية الثقافية للمجتمع وعاداته وممارساته. فالأطفال الإناث يتعلمون رؤية العالم المحيط بشكل مختلف عن الأطفال الذكور. وبناء عليه تكون عمليات وأهداف الاتصال مختلفة. ومن الملاحظ أنه في حالة وجود مجموعة من الأفراد تتكون من الذكور والإناث معا ، فإن الذكور يستحوذون على حيز أكبر من مساحة الحديث ويمارسون سيطرة أكبر من النساء على الموضوعات المطروحة ، وكذلك يؤخذ حديث الذكور على محمل من الجد أكثر من حديث الإناث. وقد يختلف الوضع عندما تتكون المجموعة من الذكور فقط أو الإناث فقط.
4- الخلفية الثقافية
وتعّرف الثقافة بأنها : سلوكيات ومعتقدات وعادات وتقاليد وقيم مكتسبة تتناقلها الأجيال وتساهم في تشكيل الأفراد وقدرتهم على التأقلم والبقاء . والهوية الثقافية ليس لها علاقة قوية أو مباشرة بالخصائص الشكلية أو المظهر الخارجي مثل لون البشرة ، أو شكل العيون أو شكل الشعر ،لأن هذه الخصائص نتوارثها من الجينات الوراثية من الوالدين ، وليس من خلال التعلم أو الاتصال . وبما أن الخلفية الثقافية تمثل مجموعة القيم والمعتقدات الدينية والقوانين الاجتماعية وطريقة الحياة التي يتشارك فيها مجموعة من البشر ، فهي تؤثر حتما على الإدراك الذهني للمؤثرات الخارجية والمعلومات المحيطة. وخلفيتنا الثقافية تعتبر جزءاً متمماً لخصائصنا الفردية وتضعنا ضمن مجموعة محددة وتؤثر على قيمنا وميولنا. وقد لا ندرك كثيراً تأثير الخلفية الثقافية على سلوكنا اليومي ، لأن معظم سلوكنا الشخصي يتكيف بواسطة خلفيتنا الثقافية ، مثلا الطريقة التي نلقي بها التحية على الآخرين ، أو طريقة استخدامنا للغة التي نتحدث بها ، أو اختيارنا للطعام الذي نتناوله كلها تتم بناء على خلفياتنا الثقافية دون وعي مباشر منا. لذلك في حالة وجود اختلافات ثقافية بيننا وبين الآخرين يجب علينا التحلي بمبادئ الذكاء الاجتماعي لتجنب الفهم الخاطئ للآخرين مما يؤثر على الاتصال وبناء العلاقات الاجتماعية بين الأجناس المختلفة .
5- وسائل الإعلام
لا يخفى على أي منا مدى تأثير وسائل الإعلام المرئية أو المسموعة أو المقروءة على تشكيل المعنى الشخصي للأحداث ، فهي تساهم عنوة وبطرق مدروسة وأساليب مختلفة في التأثير على إدراكنا الذهني وتشكيل وجهة نظرنا. فبالرغم من الفوائد العديدة لهذه الوسائل في تطوير وتنمية المعرفة هناك جوانب سلبية تؤثر على الإدراك الذهني وبالتالى الاتصال. فعلى سبيل المثال : تسعى شركات الإعلانات التجارية جاهدة للتوصل إلى شتى طرق التأثير على المستهلك ليفكر ويتصرف بالطريقة التي تخدم وتزيد من أرباحها. وكذلك التغطية الإعلامية للأحداث السياسية وغيرها غالبا ما يكون لها غرض خفي في تشكيل الرأي العام في اتجاه معين. وتكمن خطورة الاعتماد على وسائل الإعلام في أنها تؤثر بشكل قوي على الإدراك الذهني وحصره في الصورة التي يقدمها الإعلام التي قد تكون غير متوافقة مع الواقع.

المصدر: الإبداع الفضائي - من قسم: معلومات عامة ، حدث في مثل هذا اليوم