أهلاً أهلاً يا رمضان ثلاث طرق لتدريب الطفل على الصيام

*HOB* · #1

أيام قليلة تفصلنا عن شهر رمضان المبارك ، شهر الرحمة والإحسان ،فيه تَنزّل القرآن على نبي الرحمة محمد عليه السلام ، ولهذا الشهر الفضيل نكهة خاصة وطقوس مميزة ، فنهاره صيام وليله قيام وفيه تكثر الرّحمات ، ولرمضان ذكرى خاصة عندي فقد ولِّدَ ابني مع ولادة هلاله قبل أحد عشر ربيعاً ، فيه تذوقت مشاعر الأمومة الأولى وأدركت معنى الحياة ، فالأبناء زينة الحياة ونعمة من الله سبحانه وتعالى ، وعلينا أن نًحسِن تنشئتهم ليحملوا راية هذا الدين القويم ، ويحمون حماه ،ويذودون عن حياضه ، ويرفعون من شأن أمتهم ويرتقون بها بين أمم العالمين.

وكغيري من الأمهات تؤرقني مسؤولية تهيئة ولدي لاستقبال هذا الشهر العظيم وأن يستعد للصيام بشوق وشغف دون مباغتة ، فكيف نجعل من لحظات الصيام سعادة في قلوب الأولاد ؟ وكيف نصير رمضان عرساً ينتظره الأبناء؟
عبادة الصوم عبادة روحية عظيمة لها أثرها التربوي والإيماني الرائع الذي يُطهر النفوس ويزكيها ويهيئها للعبودية التامة لله ، وللصوم مسؤولية جسمية لما يتطلبه من جهد ومشقة وصبر وقوة إرادة ، وهو فريضة يثاب فاعلها ويعاقب تاركها. ولهذا أحببت أن أشارك غيري من الأمهات والآباء خبرة تهيئة الأبناء للصيام.

حدّث صغيرك عن رمضان
نعم هو صغير لم يبلغ سن التكليف لكنه يعيش ويكبر في كنف أسرة مسلمة ، ينتعش بأنفاسها وينعم في سكينة إيمانها ،فدعوه يعيش إحساسها بشهر رمضان وأخبروه لماذا تغير موعد الغداء؟ ولماذا نستيقظ ليلاً لتناول السحور؟ ولماذا لا نُعِد وجبة الفطور كالمعتاد في كل صباح ؟ أسئلة كثيرة علينا سبر غورها لتشكيل مفهوم الوعي الديني عند أبناءنا الصغار ،فلندخل إلى عالمهم الصغير ولنتحدث معهم عن فرحنا بقدوم الشهر الفضيل ،ولنزين معهم الدار استعداداً لاستقبال شهرٍ تنتظره الأمة بفارغ الصبر لتغسل فيه ذنوبها ولتتقرب إلى الله عز وجل أملاً في الثواب ورجاءً في الغفران.أخبروهم بلغتهم الخاصة عن معاني الصوم ،والعبادة،والذكر،والترتيل والتكافل مع الآخرين والتقرب إلى الله بالدعاء ، حببوا الصغار بالخالق ، وعرّفوهم بسير السلف الصالح من الرسل والأنبياء وحتى الصحابة والتابعين ، وقصوا عليهم قصصهم بل واجعلوها قصة ما قبل النوم ؛ فالأطفال يفضلون التعلم من القصص والحكايات . رغبوا أطفالكم في كتاب الله تعالى تلاوةً وحفظاً ، تعلماً وتدبراً ، ورددوا معهم قراءة الآيات الصغيرة من القرآن كل يوم حتى يتموا حفظها مع نهاية الشهر. أيقظوهم ليلاً ليشاركوكم طعام السحور، ودعوهم يرافقوكم إلى المساجد للصلاة وسماع الذكر والقرآن ؛ فالأطفال في هذا السن يرغبون بتقليد الكبار ويتشربون عاداتهم وأفكارهم ، لا تتركوا أبناءكم فريسة للتلفاز واختاروا لهم القنوات التي تثقون بها وبما تقدمه من برامج ومسلسلات . ولنتذكر معاً أن نعمة الأبناء مسؤولية وأمانة يُسأل عنها الوالدان يوم القيامة « فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته «.

كيف ندرب أبناءنا على الصيام؟
لقد أثبتت الدراسات التربوية أن تشجيع الطفل على الصيام يؤدي إلى اكتساب عادات غذائية وروحية وأخلاقية تستمر معه إلى آخر العمر. وعلى الوالدين شرح القيم الدينية والروحية لشهر رمضان لأطفالهم حتى يدركوا الحكمة من الصيام ،ويتعرفوا على أهميته. وليزرعوا فيهم احترام تعاليم دينهم وسنة نبيهم لتطبيقها على الوجه الأكمل . ويجب أن يكون تدريب وتعليم الطفل الصيام بالتدريج. بحيث يسمح للطفل الصغير بالإفطار في منتصف النهار إذا لوحظ عدم قدرته على المواصلة على الصيام على أن يتأخر موعد افطاره بالتدريج وصولا الى الصيام حتى المغرب ، ويمكن تقسيم اليوم إلى أجزاء يُطلب من الطفل الامتناع عن الطعام والشراب في بعضها تمهيداً إلى صيام كل اليوم ويصلح هذا النوع من التدريب لسن 4 سنوات ،ومن الأفضل ربط أوقات الصيام بأوقات الصلاة على النحو الاتي :

الجزء الأول : من صلاة الظهر إلى العصر
الجزء الثاني : من صلاة العصر إلى صلاة المغرب وهكذا .
ولكن يجب مراعاة ألا تأخذ الطفل الحماسة في سن مبكرة يضره فيها صيام اليوم كله. وعلى الوالدين أن يُفهموا الطفل أنه ليس مكلفاً وأن الله يحب له أن يأكل ويشرب حتى يصبح فيما بعد مسلماً قوياً. هذا ويمكن البدء في تدريب الطفل على الصيام من سن السابعة أسوةً بالصلاة « مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر «

ثلاث طرق لتدريب الطفل على الصيام
• الترغيب والترهيب أو التوجيه والإرشاد ويكون ذلك بشرح الحكمة من الصيام للطفل والأجر المترتب عليه وعقاب من يتركه.
• التشجيع والتعاون أو التدريب بالمشاركة من خلال حثه على الصيام وتلهيته بالأعمال والألعاب حتى يحين موعد الإفطار أسوة بالصحابيات فعن الربيع بنت معوذ قالت : «كنا نَصُومُ ونُصوِّم صبياننا الصغار منهم ، ونذهب إلى المسجد ، فنجعل لهم اللعبة من العهن (أي الصوف) فإذا بكى أحدهم من الطعام أعطيناه إياه ، حتى يكون عند الإفطار «،
• المكافأة والثواب أو التعزيز الإيجابي ؛وذلك بمنحه هدية أو جائزة مكافأة له على الصيام وكذلك مدحه أمام الأقران دون مبالغة.

ابن القيم
يقول ابن القيم رحمه الله :» فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه ، وتركه سدى فقد أساء غاية الإساءة ، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم ، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه ، فأضاعوهم صغاراً ، فلم ينتفعوا بأنفسهم ، ولم ينفعوا آباءهم كباراً «. وللأسف إن كثيراً من الآباء يشتكون أن أبناءهم يفطرون في رمضان أو يدخنون في نهاره ، وهذه النماذج موجودة في مجتمعاتنا المسلمة ، وما هي إلا محصلة لتقصير الآباء في غرس معاني حب شهر رمضان في نفوس أبنائهم وهم صغار.

مقالات ممكن أن تعجبك :

المصدر: الإبداع الفضائي - من قسم: المواضيع الإسلامية

تامرالقناوى

بارك الله فيك اخى الفاضل