فضائيات| مكتبة الدريم بوكس | مركز رفع الصور | فضائيات نيوز
تعليم الفوتوشوب



العودة   الإبداع الفضائي > >

المواضيع الإسلامية قسم يهتم بالدين الإسلامي على منهج أهل السنة والجماعة ويمنع إهانة بقية المذاهب

سورة العصر منهاج حياة

سورة العصر منهاج حياة سورة العصر منهاج حياة يا أسير دنياه، يا عبد هواه، يا من باع الباقي بالفاني، اما ظهر لك الخسران، ما أطيب أيام الوصال، وما أمرّ

 
LinkBack أدوات الموضوع
  #1  
الصورة الرمزية مختار شاهين
عضو جديد

 


افتراضي سورة العصر منهاج حياة

سورة العصر منهاج حياة
سورة العصر منهاج حياة
يا أسير دنياه، يا عبد هواه، يا من باع الباقي بالفاني، اما ظهر لك الخسران، ما أطيب أيام الوصال، وما أمرّ أيام الهجران، ما طاب عيش القوم حتى هجروا الأوطان، وسهروا الليالي بتلاوة القرآن فيبيتون لربهم سجدا وقياما

اخواني، الى كم تماطلون بالعمل، و تطمعون في بلوغ الأمل، وتغترّون بفسحة المهل، ولا تذكرون هجوم الأجل؟ ما ولدتم فللتراب، وما بنيتم للخراب، وما جمعتم فللذهاب، وما عملتم ففي كتب مدّخر ليوم الحساب. وأنشدوا:
ولو أننا اذا متنا تركنا لكان الموت راحة كل حيّ
ولكنّا اذا متنا بعثنا ونسأل بعدها عن كل شيء


ثم أما بعد, فيقول الله سبحانه وتعالى: )وَظ±لْعَصْرِ إِنَّ ظ±لإِنسَـظ°نَ لَفِى خُسْرٍ إِلاَّ ظ±لَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ظ±لصَّـظ°لِحَـظ°تِ وَتَوَاصَوْاْ بِظ±لْحَقّ وَتَوَاصَوْاْ بِظ±لصَّبْرِ( [العصر:1-3] ما زلنا مع سورة العصر هذه السورة القصيرة القليلة الآيات لكنها عظيمة المعاني والدلالات.
يقول الإمام الشافعي عليه رحمة الله عن سورة العصر: "لو لم ينزل الله على الناس إلا هذه السورة لكفتهم".
ويذكر بعض المفسرين كابن أبي حاتم وابن كثير: أن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم كانوا إذا التقوا قرأ بعضهم على بعض سورة العصر.
يقول الله عز وجل: {والعصر. إن الإنسان لفي خسر} أقسم الله تعالى بالعصر، والعصر قيل: إن المراد به آخر النهار، لأن آخر النهار أفضله، وصلاة العصر تسمى الصلاة الوسطى، أي: الفضلى كما سماها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بذلك.
وقيل: إن العصر هو الزمان. وهذا هو الأصح أقسم الله به لما يقع فيه من اختلاف الأحوال، وتقلبات الأمور، ومداولة الأيام بين الناس وغير ذلك مما هو مشاهد في الحاضر، ومتحدث عنه في الغائب. فالعصر هو الزمان الذي يعيشه الخلق، وتختلف أوقاته شدة ورخاء، وحرباً وسلماً، وصحة ومرضاً، وعملاً صالحاً وعملاً سيئاً إلى غير ذلك مما هو معلوم للجميع. أقسم الله به على قوله: {إن الإنسان لفي خسر} والإنسان هنا عام، أقسم قسماً على حال الإنسان أنه في خسر أي: في خسران ونقصان في كل أحواله، في الدنيا وفي الاخرة إلا من استثنى الله عز وجل. {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}. إخوة الإسلام وأحباب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: عرفنا أن الله سبحانه وتعالى قد حكم على البشرية والإنسانية جمعاء بالخسارة والشقاء ثم استثنى الله سبحانه وتعالى من هذه الخسارة والشقاء من توفرت فيه أربع خصال:
الخصلة الأول : الإيمان والثانية العمل الصالح، والخصلة الثالثة والرابعة: هي قوله تعالى: )وَتَوَاصَوْاْ بِظ±لْحَقّ وَتَوَاصَوْاْ بِظ±لصَّبْرِ(.
الصفة الأولى: الإيمان الذي لا يخالجه شك ولا تردد بما بينه الرسول صلى الله عليه وسلّم حين سأله جبريل عن الإيمان قال: «أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الاخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره». وشرح هذا الحديث يطول ، فالذين آمنوا بهذه الأصول الستة هم المؤمنون، ولكن يجب أن يكون إيماناً لا شك معه ولا تردد. بمعنى: أنك تؤمن بهذه الأشياء وكأنك تراها رأي العين. والناس في هذا المقام ثلاثة أقسام:
القسم الأول: مؤمن خالص الإيمان؛ إيماناً لا شك فيه ولا تردد.
والقسم الثاني: كافر جاحد منكر.
والقسم الثالث: متردد. والناجي من هؤلاء القسم الأول الذي يؤمن إيماناً لا تردد فيه، يؤمن بوجود الله، وربوبيته، وألوهيته، وبأسمائه وصفاته عز وجل، ويؤمن بالملائكة وهم عالم غيبي خلقهم الله تعالى من نور، وكلفهم بأعمال منها ما هو معلوم، ومنها ما ليس بمعلوم، فجبريل عليه الصلاة والسلام مكلف بالوحي ينزل به من عند الله إلى الأنبياء والرسل، وميكائيل مكلف بالقطر والنبات يعني: وكله الله على المطر وكل ما يتعلق بالمطر وعلى النبات. وإسرافيل: موكل بالنفخ بالصور، ومالك: موكل بالنار، ورضوان موكل بالجنة. ومن الملائكة من لا نعلم أسمائهم ولا نعلم أعمالهم أيضاً، لكن جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه ما من موضع أربع أصابع في السماء إلا وفيه ملك قائم لله أو راكع، أو ساجد»، كذلك نؤمن بالكتب التي أنزلها الله على الرسل عليهم الصلاة والسلام، ونؤمن بالرسل الذين قصهم الله علينا، نؤمن بهم بأعيانهم، والذين لم يقصهم علينا نؤمن بهم إجمالاً؛ لأن الله لم يقص علينا جميع أنباء الرسل، قال الله تعالى: {منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك} [غافر: 78]. واليوم الاخر هو يوم البعث يوم يخرج الناس من قبورهم للجزاء. قال شيخ الإسلام رحمه الله: ومن الإيمان باليوم الاخر الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مما يكون بعد الموت، فيجب أن تؤمن بفتنة القبر أي: بالاختبار الذي يكون للميت إذا دفن وتولى عنه أصحابه، فإنه يأتيه ملكان يسألانه عن ربه، ودينه، ونبيه، وتؤمن كذلك بأن القبر إما روضة من رياض الجنة، وإما حفرة من حفر النار. أي أن فيه العذاب أو الثواب، وتؤمن كذلك بالجنة والنار وكل ما يتعلق باليوم الاخر فإنه داخل في قولنا «أن تؤمن بالله واليوم الاخر» والقدر: تقدير الله عز وجل يعني: يجب أن تؤمن بأن الله تعالى قدر كل شيء وذلك أن الله خلق القلم فقال له: اكتب. قال: وماذا أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة. إذاً فالإيمان في قوله: {إلا الذين آمنوا} يشمل الإيمان بالأصول الستة التي بينها الرسول عليه الصلاة والسلام. أما قوله: {وعملوا الصالحات} فمعناه: أنهم قاموا بالأعمال الصالحة: من صلاة، وزكاة، وصيام، وحج، وبر للوالدين، وصلة الأرحام وغير ذلك فلم يقتصروا على مجرد ما في القلب بل عملوا وأنتجوا و{الصالحات} هي التي اشتملت على شيئين:
الأول: الإخلاص لله عز وجل.
والثاني: المتابعة للرسول عليه الصلاة والسلام.
وذلك أن العمل إذا لم يكن خالصاً لله فهو مردود. قال الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي الذي يرويه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال الله: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه». فلو قمت تصلي مراءاة للناس، أو تصدقت مراءاة للناس، أو طلبت العلم مراءاة للناس، أو وصلت الرحم مراءاة للناس أو غير ذلك. فالعمل مردود حتى وإن كان صالحاً في ظاهره. كذلك الاتباع لو أنك عملت عملاً لم يعمله الرسول عليه الصلاة والسلام وتقربت به إلى الله مع الإخلاص لله فإنه لا يقبل منك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد». إذاً العمل الصالح ما جمع وصفين: الأول: الإخلاص لله عز وجل. والثاني: المتابعة للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
{وتواصوا بالحق} فما هو التواصي يا عباد الله: التواصي هو التناصح وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقول صلى الله عليه وسلم: ((الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولرسوله ولكتابه، ولأئمة المسلمين وعامتهم)).
والتناصح من سمات المؤمنين، يقول سبحانه وتعالى: )وَظ±لْمُؤْمِنُونَ وَظ±لْمُؤْمِنَـظ°تِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِظ±لْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ظ±لْمُنْكَرِ( [التوبة:71].
ويقول سبحانه وتعالى عن المنافقين: )ظ±لْمُنَـظ°فِقُونَ وَظ±لْمُنَـظ°فِقَاتُ بَعْضُهُمْ مّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِظ±لْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ظ±لْمَعْرُوفِ( [التوبة:67]، ولذلك يقول أمير المؤمنين أبو السبطين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه: (المؤمنون نَصَحَةٌ والمنافقون غَشَشَةٌ).
والنصيحة إخوة الإسلام لها آداب لابد أن يتحلى بها كل ناصح, ورأس هذه الآداب: الإخلاص فلابد أن تكون هذه النصيحة خالصة لوجه الله سبحانه حتى يكتب لها القبول والتأثير بإذن الله سبحانه وتعالى.
ومن آداب النصيحة اللين، فلابد أن تكون النصيحة بأسلوب لين هين حسن علّ الله أن يهدي القلوب وعلّ الله أن يشرح الصدور، فلا ينبغي أن نحكم على الناس بأن الله ختم على قلوبهم وأبصارهم فهم لا يهتدون ولا يعقلون ولا يفهمون.
الله سبحانه وتعالى لما بعث موسى عليه السلام إلى الطاغية فرعون الملحد السفاح المجرم الذي ادعى الألوهية، قال الله لموسى: )ظ±ذْهَبَا إِلَىظ° فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىظ° فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىظ°( [طه:43، 44] فاللين مطلوب في النصح وهو من أسباب قبول النصيحة.
ومن آداب النصيحة أيضاً الستر،يقول الإمام الشافعي رحمه الله:
وجنبني النصيحة في الجماعة فإنه نوع من التوبيخ لا أرضى استماعه
ومن آداب النصيحة أيضاً العمل بهذه النصيحة فإن الناصح عليه أن يكون عاملاً بما ينصح، يقول الله سبحانه وتعالى: )أَتَأْمُرُونَ ظ±لنَّاسَ بِظ±لْبِرّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ ظ±لْكِتَـظ°بَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ( [البقرة:44].
يقول سبحانه وتعالى: )وَتَوَاصَوْاْ بِظ±لْحَقّ(فما هو الحق يا عبد الله؟
الحق هو: الشيء البين الواضح، والله سبحانه وتعالى سمى نفسه حقاً فقال سبحانه وتعالى: )وَيَعْلَمُونَ أَنَّ ظ±للَّهَ هُوَ ظ±لْحَقُّ ظ±لْمُبِينُ( [النور:25].
وسمى دينه حقاً فقال سبحانه وتعالى: )إِنَّهُ لَحَقٌّ مّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ( [الذاريات:23].
وسمى القرآن حقاً فقال سبحانه وتعالى: )إِنَّا أَرْسَلْنَـظ°كَ بِظ±لْحَقّ( [البقرة:119].
فالحق إخوة الإسلام، هو أداء الطاعات وترك المحرمات، الحق هو هذا الدين، الحق هو ما في الكتاب والسنة.الحق هو اتبع اوامر الله سبحانه وتعالي
وأتبع الله سبحانه وتعالى التواصي بالحق بالتواصي بالصبر؛ لأن الحق لابد له من صبر والدين لا يقوم إلا بالصبر.
والصبر منزلته عظيمة عند الله سبحانه وتعالى،يوصي بعضهم بعضاً بالصبر، والصبر حبس النفس عما لا ينبغي فعله، وقسمه أهل العلم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: صبر على طاعة الله.
القسم الثاني: صبر عن محارم الله.
القسم الثالث: صبر على أقدار الله.
ولذلك فقد ذكر الصبر في القرآن الكريم في أكثر من تسعين موضعاً، تارة يمدح الله الصابرين فيقول سبحانه: )وَظ±صْبِرْ عَلَىظ° مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ظ±لاْمُورِ( [لقمان:17].
وتارة يأمر الله بالصبر فيقول: )يظ°أَيُّهَا ظ±لَّذِينَ ءامَنُواْ ظ±صْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَظ±تَّقُواْ ظ±للَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ([آل عمران:200].
وتارة يذكر الله تعالى ثواب الصابرين فيقول سبحانه )وَبَشّرِ ظ±لصَّـظ°بِرِينَ ظ±لَّذِينَ إِذَا أَصَـظ°بَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رظ°جِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوظ°تٌ مّن رَّبْهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ ظ±لْمُهْتَدُونَ( [البقرة:155-157].
والصبر إخوة الإسلام، على ثلاثة أقسام: صبر على طاعة الله وصبر عن معصية الله وصبر على أقدار الله،
الصبر على الطاعة، كثير من الناس يكون فيه كسل عن الصلاة مع الجماعة مثلاً: لا يذهب إلى المسجد يقول أصلي في البيت وأديت الواجب فيكسل فقال له: يا أخي أصبر نفسك، احبسها كلفها على أن تصلي مع الجماعة. كثير من الناس إذا رأى زكاة ماله كثيرة شح وبخل وصار يتردد. أُخرج هذا المال الكثير، أو أتركه وما أشبه ذلك. فيقال له: يا أخي اصبر نفسك على أداء الزكاة، وهكذا بقية العبادات فإن العبادات كما قال الله تعالى في الصلاة: {وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} [البقرة: 45]. أكثر عباد الله تجد أن العبادات عليهم ثقيلة، فهم يتواصون بالصبر على الطاعة، كذلك الصبر عن المعصية بعض الناس مثلاً تجره نفسه إلى أكساب محرمة إما بالربا، وإما بالغش، وإما بالتدليس أو بغير ذلك من أنواع الحرام فيقال له: اصبر يا أخي أصبر نفسك لا تتعامل على وجه محرم. بعض الناس أيضاً يبتلى بالنظر إلى النساء تجده ماشياً في السوق وكل ما مرت امرأة أتبعها بصره فيقال له: يا أخي اصبر نفسك عن هذا الشيء.
وقد ضرب أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في الصبر على هذا الدين والثبات على الحق، فهذا خبيب بن عدي رضي الله تعالى عنه وأرضاه, عرضه المشركون على مشنقة الموت، وسألوه: ماذا تريد يا خبيب؟ قال: أريد أن أصلي ركعتين، فكان أوّل من سن صلاة ركعتين قبل القتل، وتوضأ وصلى ركعتين واستعجل فيهما ثم فرغ منهما وقال لهم: والله لولا أن تظنوا أن ما بي جزع لطولتها.
فلله در هذه الهمم العالية، هكذا كانوا رحمهم الله، أما نحن وصل بنا الحال إلى أن يقدم أحد المسلمين إلى الموت فيقال له: ما هي آخر أمنية لك في هذه الحياة، فيقول: آخر أمنية لي في الحياة اي شيئ من عرض الدنيا!!!
رفع خبيب بن عدي إلى المشنقة فدعا عليهم قائلاً: اللهم أحصهم عدداً واقتلهم بدداً ولا تغادر منهم أحداً، قالوا له: أتريد أن يكون محمدٌ مكانك وأنت في أهلك ومالك؟! قال: لا والله، لا أريد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصاب بشوكة وأنا في أهلي ومالي, ثم قتل رضي الله عنه وأرضاه.
يقول أهل السير كموسى بن عقبة: كان خبيب بن عدي يقول قبل أن يقتل: اللهم أبلغ عنا رسولك ما لقينا، والسلام عليك يا رسول الله، والسلام عليك يا رسول الله، والسلام عليك يا رسول الله.
هو في مكة والرسول عليه الصلاة والسلام في المدينة فأخذ يقول صلى الله عليه وسلم في تلك اللحظة: عليك السلام يا خبيب, عليك السلام يا خبيب، عليك السلام يا خبيب، ثم أنشد خبيب بن عدي رضي الله عنه
ولست أبالي حين أقتل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي
حبيب بن زيد رضي الله عنه صحابي عمره ثلاثون سنة يرسله الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مسيلمة الكذاب فيقول: سمعاً وطاعة يا رسول الله، ويتهيأ لأشد الأمور قسوةً وشدة؛ لأنه قد يتعرض للموت، فتودعه أمه وتبكي بكاءً شديداً لفراقه، وأحست بقلب الأم أنها لن تراه بعد اليوم ولكنها تعلم أنها سوف تلقاه في جنة عرضها السموات والأرض، فودّعت ابنها
وصل حبيب بن زيد إلى مسيلمة فقال له مسيلمة: من أنت، قال: حبيب بن زيد، قال: ماذا جاء بك؟ قال: جئت برسالة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أتشهد أنه رسول، قال: نعم أشهد أنه رسول الله، قال: أتشهد أني رسول، قال: لا أسمع شيئاً، قال: أتشهد أني رسول، قال: لا أسمع شيئاً، قال: أتشهد أنه رسول؟ قال: نعم أشهد أنه رسول الله، قال: أتشهد أني رسول، قال: لا أسمع، فقال مسيلمة الكذاب لأحد جنوده: اقطع منه جزءً من اللحم، فقطع منه، ثم وقعت هذه القطعة على الأرض فأعاد عليه مسيلمة السؤال، فأعاد عليه حبيب نفس الإجابة كما هي، فقطع منه قطعة أخرى، وظل يقطع جسده قطعة قطعة حتى قطعه قطعاً متناثرة في مجلسه، وارتفعت روحه إلى الله, إلى الخالق جل في علاه.
هكذا الصبر على دين الله والثبات على الحق.
عبد الله بن حذافة السهمي صحابي جليل يرسله الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الروم، فيصل عبد الله إلى طاغية الروم فيقول: يا عبد الله تنصّر، وأعطيك نصف ملكي، استمعوا إلى المساومات يا عباد الله، فماذا قال عبد الله؟! قال عبد الله: لو أعطيتني جميع ما تملك وجميع ما لا تملك وجميع ملك العرب ما رجعت عن دين محمد طرفة عين، قال الطاغية: إذن اقتلك، قال: أنت وذاك.
فلله درك يا عبد الله ولله، در الروح العالية، ولله در الشجاعة المتناهية.
إن من الناس اليوم من لو عرضت عليه سيجارة لباع ذمته وعهده وأمانته و منهم من يبيع دينه وعرضه وأمته بحفنة من المال المدنس أو بقطعة من الأرض أو بسيارة، ضمائر خربة وذمم عفنه وقلوب ميته.
قال الطاغية لعبد الله بن حذافة بعد أن رفض العرض: إذاً اقتلك، قال: أنت وذاك افعل.
ما تشاء، فأمر الطاغية بصلب عبد الله وبضربه بالسهام في يديه ورجليه في غير مقتل حتى يعذب العذاب الأليم، فصلب ورمى بالسهام وهو صابر محتسب ثابت على الحق، فأنزل رضي الله عنه وغُلي له ماءٌ في قدر، حتى كاد جسم الإناء أن يحترق من شدة الغليان.
وجيء بأسيرين من أسراء المسلمين فألقى أحدهما في هذا القدر المغلي والطاغية يعرض النصرانية على عبد الله وهو يرفض، فقال الطاغية لعبد الله: إما تتنصر وإما أن تلقي بنفسك في هذا الماء, فيمشي عبد الله إلى الماء فلما اقترب منه بكت عيناه، فلما رأوا أنه بكى ظنوا أنه خاف فقال الطاغية لعبد الله: ما يبكيك؟ قال عبد الله هي نفس واحدة وكنت أود أن يكون لي بعدد شعري أنفس تعذب في سبيل الله.
فيئس الطاغية من عبد الله وقال له: تقبل رأسي وأطلق سراحك، وأخلي عنك. فقال عبد الله: وعن جميع الأسارى قال الطاغية: نعم، فقبل رأسه فأطلق سراحه، وسراح إخوانه.
فلما قدم عبد الله بن حذافة السهمي إلى المدينة استقبله الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقال: حق على كل مسلم أن يقبل رأسك يا عبد الله، وأنا أبدأ بنفسي فقبله عمر رضي الله عنه تعالى، لعزته ودينه وصبره على هذا الدين وثباته على الحق.
فيا من أوذي في نفسه أو ماله أو في عرضه أو في دخله ووظيفته ورزقه، أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، قدموا أموالهم وأرواحهم ودماءهم رخيصة في سبيل الله من أجل إعلاء كلمة لا إله إلا الله ومن أجل رفعة هذا الدين ولم يتزحزحوا خطوة واحدة بل صبروا على دينهم وثبتوا على الحق.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: )مَّنْ عَمِلَ صَـظ°لِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـظ°مٍ لّلْعَبِيدِ( [فصلت:46].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا، واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين, ولا عدوان إلا على الظالمين، وأصلي وأسلم على من بعثه الله جل وعلا هدى ورحمة للعالمين محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وعلى آله الطيبين الطاهرين.
عباد الله, اتقوا الله حق تقاته واسعوا في مرضاته وتدبروا القرآن الكريم وتمسكوا بسنة خاتم النبيين وتفقهوا في الدين واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.
أما بعد, فالقسم الثالث من أقسام الصبر: هو الصبر على أقدار الله, وهو من أركان الإيمان التي لا يتم إيمان العبد إلا به، فلا يكون العبد مؤمناً إلا إذا آمن بالقدر خيره وشره.
وأقدار الله هي من البلاء الذي يبتلي به الرب سبحانه وتعالى عباده, وهي من أعظم النعم إذا تلقاها العبد بالرضا والقبول، وأما إذا تسخط منها العبد فهي من أكبر النقم والعياذ بالله.
قال عليه الصلاة والسلام: ((إن عِظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط)).
ولذلك فقد عدّ كثير من الصالحين الابتلاء من النعم.
عروة بن الزبير رضي الله تعالى عنه وأرضاه سقط من على فرسه فجرحت رجله، وقرر الأطباء قصها وفي نفس اللحظة يأتيه نبأ وفاة ابنه الشاب، فتقطع رجله وتنشر نشراً وهو في الصلاة بين يدي الله سبحانه وتعالى, فلما أفاق قال: "اللهم لك الحمد، إن كنت أخذت فقد أعطيت، وإن كنت ابتليت فقد عافيت، أعطيتني أربعة من الأعضاء فأخذت عضواً واحداً فلك الحمد، وأعطيتني أربعة، من الأبناء وأخذت واحداً فلك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضى".
وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله في الإصابة: أن عمران بن حصين مرض ثلاثين سنة ـ ظل مريضاً ثلاثين ـ سنة فما شكى وما اكتوى حتى صافحته الملائكة بأياديها.
ومن وصايا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: للأشعث بن قيس قال له: يا أشعث إنك إن صبرت جرى عليك القلم وأنت مأجور، وإن جزعت جرى عليك القلم وأنت مأزور.
قال الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ: «لو لم ينزل الله على عباده حجة إلا هذه السورة لكفتهم». يعني: كفتهم موعظة وحثاً على التمسك بالإيمان والعمل الصالح، والدعوة إلى الله، والصبر على ذلك. وليس مراده أن هذه السورة كافية للخلق في جميع الشريعة، لكن كفتهم موعظة، فكل إنسان عاقل يعرف أنه في خُسر إلا إذا اتصف بهذه الصفات الأربع، فإنه سوف يحاول بقدر ما يستطيع أن يتصف بهذه الصفات الأربع، وإلى تخليص نفسه من الخسران. نسأل الله أن يجعلنا من الرابحين الموفقين، إنه على كل شيء قدير
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من عباده المؤمنين العاملين للصالحات المتواصين بالحق والمتواصين بالصبر.
يا ابن آدم أحبب ما شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه، وكن كما شئت فكما تدين تدان.





مقالات ممكن أن تعجبك :




من مواضيعى في فضائيات فضيحة الزنا في الدنيا وعقوبته في الآخرة
أسباب هلاك الأمم 2
أسباب هلاك الأمم 1
التحذير من آفات اللسان
العبودية لله
الضوابط الشرعية لموقف المسلم في الفتن

سورة العصر منهاج حياة




الساعة معتمدة بتوقيت جرينتش +3 . الساعة الآن » 06:31.
Powered by vBulletin
.Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

تابعنا على الفيس بوك جديد مواضيع المنتدى تابعنا على تويتر
DMCA.com Protection Status