فضائيات| مكتبة الدريم بوكس | مركز رفع الصور | فضائيات نيوز
تعليم الفوتوشوب



العودة   الإبداع الفضائي > >

المواضيع الإسلامية قسم يهتم بالدين الإسلامي على منهج أهل السنة والجماعة ويمنع إهانة بقية المذاهب

الأضحى.. والتضحية

من الركائز التي يقوم عليها وجود هذا الدين الفعلي ووجود أمته التضحية؛ فبها- أي بالتضحية- قام وجود الأمة أول مرة، وعليها وبها قام الدين في الأرض، وكل دعوة نبي كانت

 
LinkBack أدوات الموضوع
  #1  
عضو نشيط

 

افتراضي الأضحى.. والتضحية

من الركائز التي يقوم عليها وجود هذا الدين الفعلي ووجود أمته التضحية؛ فبها- أي بالتضحية- قام وجود الأمة أول مرة، وعليها وبها قام الدين في الأرض، وكل دعوة نبي كانت تقوم بشكل أساسي على التضحية، وأول تضحيته التضحية بالراحة وطيب العيش، ليستبدل بكل ذلك الشدائد والأهوال؛ لأنَّ الله الذي وضع نواميس الكون، وسنَّ سنن الوجود، جعل هذا الأمر في صميم البنية وصميم التكوين، إنْ كان في النفس الإنسانية؛ فلا يقوم بنيان الدين فيها إلا بالتضحية، وإنْ كان في الواقع والوجود العملي؛ فلا تنهض أركان الدين إلا بالتضحية، والنماذج القرآنية التي عرضها علينا- لمن بذلوا وضحَّوا- غنيةٌ جدًا، ومتنوعة جدًا، وممتدة عبر التاريخ.



فهذا نوح (عليه السلام) يدعو إلى الله مدةً يذهل العقل من مجرد تمليها وتخيلها، لا من مجاراتها ومضاهاتها في الميدان، فمَن يتصور نفسه في خندق الدعوة، وميدان جهاد الكلمة "ألف سنة إلا خمسين عامًا؟!" مَن يتحمل اللأواء والبلاء والاستهزاء.. كل هذه الآماد المتطاولة والأحقاب الممتدة..!! إنها العزمات الماضية، والإرادات الكاملة، والنفوس الكبيرة.. من هنا كان نوح أولَ أولي العزم من حيث الأقدمية.






فإذا سِرنا مع نهر الزمان وتيار السنين والقرون لنصل إلى أبي الأنبياء إبراهيم (عليه السلام) خليل الله.. هذا الذي يعتبر في ديننا المثال الكامل للتضحية، ومن هنا شرع الله عيد الأضحى للاقتداء بأبي الأنبياء.. أقول: إذا وصلنا هذه المحطة العظيمة في تاريخ النبوات، وجدنا التضحية في أجلى صورها، وأعظم حالاتها، فأنْ يقدم نفسه ليقذف به في النار في سبيل الله، ولا يُحجم ولا يتردد، ثم كان الامتحان الثاني بالهجرة من الوطن في سبيل الله.. هذا المعنى العظيم من التضحية الذي جعل المهاجرين في ديننا يحتلون أعلى المنازل والرتب بين المؤمنين والمسلمين.. ثم كان الامتحان الثالث أن يقضي عمره كله أو جله بلا ولد، حتى إذا وصل الشيخوخة راضيًا مطمئنًا جاءته البشارات، فلما جاء الوليد على شوق واحتياج مضاعف أمر بإسكانه مع أمه في أرض جرداء بوادٍ غير ذي زرع، وأن يتركهم ثَمَّ.. فلا يتردد.. لقد كان هذا اختبارًا لإبراهيم، ولم يكن اختيارًا من إبراهيم، ولا غيرةً من زوجه كما تزعم الإسرائيليات وهواتها وحواتها ورواتها.



حتى إذا بلغ الوليد مرحلة المعونة واشتداد الساعد، فتعلقت به الآمال؛ إذ به يؤمر من ربه تعالى بأن يذبحه، فيسارع ولا يتردد، مع أن الوحي إليه كان بأول درجات الإيحاء وأقلها تصريحًا: الرؤيا، فيلبي ولا يتلجلج، ولكن الله الذي يمتحنه- سبحانه- وهو اللطيف بعباده، يفتدي الذبيح بكبش، أو بذبح عظيم، فتصبح التضحية سنةً في دين الله ماضيةً إلى يوم القيامة، ولكن الناس تراها في معناها القريب، ولا تراها في رمزها البعيد، وهو التضحية بالغالي والنفيس، والمال والنفس في سبيل الله ونصرة دين الله.



ثم يُؤمر إبراهيم في شيخوخته المتأخرة أن يبني البيت، ولك أن تتصور هذا الشيخ الطاعن (عليه السلام) كيف يرفع الحجارة ويُعلي البنيان حتى يرتفع البيت رمزًا لعبادة الله وتوحيد الله.



بهذه التضحيات المتوالية والجسيمة صار إبراهيم إمامَ الناس وسار أمام الناس، يعلمهم هذا المعنى العظيم.. التضحية، ومن هنا سجَّل القرآن الكريم هذا السجل الحافل من التضحيات في كلمات، إذ قال في آية من الآيات في سورة البقرة: ﴿وَإِذِ ابْتلَى إبْراهيمَ ربُّهُ بِكلِماتٍ فَأتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا..﴾ (البقرة: 124).



فماذا إن عبرنا القرونَ إلى محطة من محطات النبوة.. توقفنا عند موسى (عليه السلام) هذا الذي واجه الطغيان السياسي في أعتى صوره، متمثلاً في فرعون الذي جعله القرآنُ رمزَ الطغيان، وواجه الطغيان الاقتصادي متمثلاً في قارون الذي صار أيضًا رمز الرأسمالية المتوحشة التي لا تعرف الإنسانية، ثم واجه شعبه.. هذا الغليظ الرقبة، العَصي على الانقياد، الصعب المراس، المتقلب المزاج، الذي تتلاعب به الأهواء، ثم بعد جهاد عشرات السنين في دعوتهم تكون النتيجة لا شيء..!! قال ﴿رَبِّ إنِّي لاَ أَمْلِكُ إلاَّ نَفْسي وَأَخِي..﴾ (المائدة:25 )
فإذا جئنا إلى خاتم الأنبياء مرورًا بأخيه عيسى (عليهم الصلوات) وجدنا هذا المعنى مضطردًا، ووجدنا السنة ماضيةً، والناموس واحدًا، فمن اجتهاد في العبادة إلى حد تفطر الأقدام إلى تضحية بالراحة شفقة على الناس جعلته لا ينام، إلى جهاد يبذل فيه أغلى الأقارب والأرحام.. نخلص إلى واقعنا، دين مقصيٌّ من الوجود والشهود، وأوطانٌ محتلةٌ من الأمريكان واليهود، وأمةٌ مغيبة مهمشة ووزن مفقود.. فما الذي يبدل الأوضاع ويتيح لنا مكانًا تحت الشمس، وعزة وكرامة؟ إنها التضحية.. هذا هو السبيل لمن كان يبحث عن السبيل

مقالات ممكن أن تعجبك :




من مواضيعى في فضائيات سبب نزول قوله تعالى: { أُذن للذين يُقاتلون بأنهم ظلموا }
شبهة لغوية حول قوله تعالى: { حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم...}
المناسبة في قوله تعالى: { وإذا ضربتم في الأرض...}
شبهة لغوية حول قوله تعالى: { إن رحمت الله قريبٌ من المحسنين }
التوفيق بين آيتين: الحسنة من الله، والسيئة من نفسك
من أوجه المناسبة بين سورتي آل عمران وسورة النساء

الأضحى.. والتضحية


أدوات الموضوع


الساعة معتمدة بتوقيت جرينتش +3 . الساعة الآن » 18:25.
Powered by vBulletin
.Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

تابعنا على الفيس بوك جديد مواضيع المنتدى تابعنا على تويتر
DMCA.com Protection Status